الأهرام

هل ستعود مجموعات Think Tanks الأمريكية الأضواء مرة اخري

١١ فبراير ٢٠٢١

هل ستعود مجموعات Think Tanks الأمريكية للأضواء مرة أخرى

لواء دكتور/ سمير فرج

مع عودة الحزب الديمقراطي، مرة أخرى، للحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد انتخاب جو بادين رئيساً لها، تساءلت دوائر الرأي عن عودة دور مجموعات الفكر والرأي، أو “Think Tanks”، التي كان الرئيس الأسبق باراك أوباما يعول على توصياتها وآرائها، كثيراً، قبل اتخاذ قراراته، خلال سنوات حكمه الثمانية، والتي صاحبه خلالهم جو بايدن كنائب.

بدأ التعرف على مصطلح “Think Tanks” عندما انتهج القادة والرؤساء مبدأ تكوين تلك المجموعات لاستشارتها في أمور محددة، إلا أنه سرعان ما انتشر ذلك النمط، داخل الدول، بين وزاراتها، وهيئاتها، بل وحتى أن الشركات الخاصة، وتحديداً العملاقة منها، اعتمدت ذلك النمط ضمن آليات اتخاذ القرار بها. كان من أشهر هذه المجموعات، تلك التي كونتها وزارات الخارجية، في العديد من دول العالم، لتقديم مشورتها، بعد الدراسة، بشأن الموضوعات السياسية ذات الطبيعة المركبة، واقتراح بدائل القرارات مع بيان مزايا ونقائص جميع البدائل المطروحة.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، بالطبع، من أوائل الدول التي تبنت هذا المنهج والأسلوب، بعد عقود من الاعتماد على دور مستشار الرئيس للأمن القومي، بعد تألق هنري كيسنجر في هذه المهمة، وبرحيل هنري كيسنجر تضاءل دور مستشار الأمن القومي، بالإدارة الأمريكية، لحساب نجم جديد وهو “Think Tanks”، الذي يضم مجموعة من صفوة المفكرين، يصل عددهم لنحو 20 فرد، يمثلون كافة الأطياف والاتجاهات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية، وأعضاء مؤسسات الأمن القومي الداخلي والخارجي، وحتى علماء النفس.

وكان من أبرز وأشهر تلك المجموعات، في العقد الأخير، هي تلك المجموعة التي شكلها الرئيس الأسبق باراك أوباما، أثناء فترة حكمه، عندما اختار 17 فرد، برئاسة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، مادلين أولبرايت، وعضوية ثلاثة من الدبلوماسيين السابقين، وثلاثة من جنرالات الجيش الأمريكي المتقاعدين، واثنين من أساتذة الاقتصاد، وأستاذ للعلوم السياسية، واثنين من مؤسسات الأمن القومي الأمريكي، واثنين من رجال الإعلام، وطبيب نفسي، وعالم فضاء، بالإضافة إلى اثنين من الأساتذة المتخصصين في علوم الفضاء السيبراني، المعنيين بمفاهيم التواصل الاجتماعي والإنترنت والإعلام الإلكتروني، وأتاح للمجموعة الاستعانة بمن تراه اللجنة من المتخصصين في الموضوعات التي تعرض عليها لإبداء الرأي.

كانت مهام تلك المجموعة عبارة عن تكليفات مباشرة من الرئيس أوباما، لدراسة أمور معينة، في زمن محدد، والخروج برأي قاطع، أو عدد من البدائل، مثبتاً بالمبررات والأسانيد لأي منها، مع عرض مميزات وعيوب كل رأي أو مقترح، وترتيبها وفقاً للأولوية، وتدعيمها بخارطة طريق أو خطوات العمل الواجبة لتنفيذ ذلك الرأي أو تلك الحلول المقدمة، ليتمكن الرئيس من اختيار أنسبها، في ظل المعطيات الراهنة، ووفقاً لمرئياته.

لم يقتصر الأمر على الولايات المتحدة الأمريكية، بل سار على نهجها العديد من دول العالم، في تكوين مثل هذه المجموعات، ومنها، على سبيل المثال، تايوان، التي لبيت دعوة، منذ عامين تقريباً، لأحد مجموعاتها الفكرية التابعة لوزارة الخارجية، للمشاركة في مؤتمر، ضم عدد من الخبراء المتخصصين في شتى المجالات، من 45 دولة، لدراسة احتمالية وصول المد الديني المتطرف إلى تايوان، وكيفية وصوله، وآليات مقاومته والتصدي له. كان المؤتمر الذي دارات مناقشاته، على مدار أربعة أيام متواصلة، يهدف لبحث تفاصيل الأمر، تمهيداً لتقديم المشورة لوزارة الخارجية التايوانية.

وفي هذا التوقيت قامت وزارة الخارجية الأمريكية بإنشاء مجموعة خاصة بها، عرفت باسم American Foreign Affair Think Tank، وتشابه دورها، إلى حد كبير، مع دور المجموعة التي شكلها الرئيس أوباما، إلا أنها كانت ترفع تقريرها إلى وزير الخارجية الأمريكي، أما وزارة الدفاع الأمريكية فلقد اكتفت بمركز إدارة الأزمات في البنتاجون الذي يقدم المشورة إلى رئاسة الأركان العامة الأمريكية، في حين شكلت وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA مجموعة Think Tank خاصة بها، بجانب مركز إدارة الأزمات التابع للوكالة.

وفي أعقاب ثورة 30 يونيو، وأثناء زيارتي للولايات المتحدة الأمريكية، كان لي لقاء مع السيدة مادلين أولبرايت ومجموعة Think Tank، التي كان الرئيس أوباما قد كلفها، آنذاك، بالإجابة عن سؤال، “هل ما حدث في مصر في 30 يونيو انقلاب عسكري أم ثورة شعبية؟”، وأثناء حديثنا، قالت السيدة أولبرايت أنها اجتمعت مع أعضاء مجموعتها، لدراسة تكليف الرئيس أوباما، فكان من ضمن ما اطلعت عليه الورقة البحثية، التي قدمها الرئيس السيسي، أثناء دراسته بكلية الدفاع الوطني، في الولايات المتحدة الأمريكية، بعنوان “الديمقراطية في دول العالم الثالث”، والتي تعرفت من خلالها على العديد من جوانب فكره.

وأضافت السيدة أولبرايت أنه بمراجعة القرارات التي اتخذها الرئيس السيسي، فور توليه الحكم، مثل قرار رفع الدعم عن المحروقات، تأكدت أنه “Reformer”، على حد قولها، أي “مصلح”، بعكس أي عسكري يقود انقلاب، فيكون هدفه كسب ود الشعب، دون الاهتمام بالإصلاحات الحقيقية. أما ما أذهلها، كما تقول، أولبرايت فكان قبول الشعب المصري لتلك القرارات، دون اعتراض، رغم إدراكه لصعوبة نتائجها في الأجل القصير، وهو ما دفعها، بعد مناقشات مطولة، مع أعضاء مجموعتها، لرفع تقريرهم إلى الرئيس أوباما، بأن ما حدث في مصر، يوم 30 يونيو 2013، هي ثورة شعبية أيدها الجيش المصري.

ولما تولى الرئيس السابق ترامب، رئاسة الولايات المتحدة، لم يعتمد على مجموعات الفكر والرأي، في اتخاذ قراراته، مفضلاً الاعتماد على مستشاريه المقربين، من أهل الثقة … واليوم، بعد عودة جو بايدن إلى البيت الأبيض، في منصب الرئيس، هذه المرة، هل سيعيد إحياء دور مجموعات الفكر والرأي، أم سيستحدث أسلوباً مختلفاً … هذا ما سوف تجيب عنه الأيام القادمة.

Email: sfarag.media@outlook.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى