الأهرامفي الأقصـــرمقالات صحفية

الأقصر … شخصيات عامة (2)

النجاح ليس صنيعة فرد … ولكنها مجموعة من النجاحات … صنعها أفراد … وهذا ما حدث في ملحمة تطوير الأقصر، والتي بدأت الحديث عنها في المقال السابق، واليوم أذكر أفراداً آخرين، تدين لهم الأقصر بفضل كبير.

المهندس محمود صالح

مهندس، ورجل أعمال ناجح في مصر، والعالم العربي… تطوع في مشروع تطوير مدارس مصر … في جمعية مصر الجديدة، وجاء للأقصر مشرفاً عليها. تجولنا معاً في مدارس الأقصر، المتهالكة، الغير آدمية. هل تصدق أن مدرسة الأقصر الثانوية بنات بها فصلين فقط؟! والأعجب أن مكانهم في حوش المدرسة، تحت ظلال الأشجار، في درجة حرارة تفوق 45 درجة مئوية!! مدرسة إسنا الثانوية بنات كانت اصطبل خيل!!

وعشنا ملحمة التطوير على مدار عامين، بتنفيذ الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وبوجود المهندس محمود صالح أسبوعياً. لتنافس بعد ذلك المدارس في صعيد مصر، نظيراتها في أرقى أحياء القاهرة؛ لقد عادت فصول الموسيقى، والرسم، والتدبير المنزلي، والحياكة، وصالات الألعاب الرياضية، ومعامل الحاسب الآلي، والمعامل العلمية، وغيرهم.

واصطحب المهندس محمود صالح، صديقه رجل الأعمال المهندس معتز الألفي، ليتولى مسئولية تدريب المدرسين، فنُظمت الدورات التدريبية، بواقع ستة أسابيع للدورة الواحدة، تختتم بهدية لاب توب، وطقمي بدل باللوازم. ليعود المدرس إلى مدرسته بالعلم، ووسائله الحديثة، فضلاً عن المظهر اللائق. وعندما جاء وقت الاحتفال بافتتاح هذه المدراس، كنت ترى المهندس محمود صالح، بعيداً عن الكاميرات، يراقب نجاحه بفخر. أما المهندس معتز الألفي، فصرح بانتهاء دوره بإعداد المدرسين، أما الإعلام فليس هدفه.

وشعرت بالفخر في العام الماضي، عندما ظهرت نتيجة الثانوية العامة، فكان الأول من الأقصر، وهو ما اعتبره نتاج مباشر لهذه الملحمة التعليمية العظيمة.

السيد محمد العبار

أحد كبار رجال الأعمال في الخليج العربي … وصاحب أعلى برج في العالم … برج خليفة في دبي … وأحد عشاق مدينة الأقصر. كان يطير، بطائرته الخاصة، من دبي إلى الأقصر مباشرة، للاستمتاع بها. عاش معنا تجربة تطوير الأقصر، وطلب مني أن يساهم، بأي شكل، في عملية التطوير. فطلبت منه المساهمة في بناء منازل لسكان الأقصر،الذين تتهدم منازلهم، نتيجة للمياه الجوفية، وهذا أمر يحدث كثيراً، للأسف. فقدم للأقصر 70 منزلاً من طراز حسن فتحي، وأضاف عليهم مسجداً، ومبنى لتعليم الفتيات.

وهذا الأسبوع، تلقيت اتصالاً هاتفياً منه،أبلغني فيه برغبته فيإرسال هدايا رمضان لأبناء الأقصر، فاتصلت بالصديق محافظ الأقصر الشاب، محمد بدر، الذي سيتسلم هدايا رمضان لتوزيعها على ابناء المحافظة. كما طلب السيد محمد العبار مقترحات المحافظة لبناء منازل جديدة، هدية منه،لمحافظة الأقصر.والحقيقة، أن هذا الحب، لمصر، ليس غريباً علينا من إخواننا العرب عامة، وأبناء زايد خاصة، فالوفاء لمصر، هو شيمتهم التي تربوا عليها.

اللواء حسين شفيق

أحد رجالات القوات المسلحة، لواء من الهيئة الهندسية، أدار عملية تطوير الأقصر، وهو رئيس إدارة المشروعات، حيث قام رجاله بتطوير ساحة الكرنك، وساحة أبو الحجاج، ونزل الشباب الدولي، أكبر نزل في الشرق الأوسط، وإعادة فتح طريق الكباش الذي حول الأقصر إلى متحف مفتوح، إضافة إلى المرحلة الأولى من كورنيش الأقصر، وغيرهمأكثر من عشرين مشروعاً بالأقصر. وقد أشادت منظمة اليونسكوبالدقة  في تنفيذ كل هذه الأعمال، وخاصة طريق الكباش، وذلك أثناء زيارة لجنة التفتيش والمرور إلى الأقصر. وعندما نالت الأقصر جائزة أفضل المدن والعواصم الإسلامية، فالفضل يعود في ذلك إلى تصميم الدكتور أيمن عاشور، وتنفيذ اللواء حسين شفيق، الذي نفذ ورجاله هذه الأعمال الرائعة.

الدكتور مصطفى مدبولي

كان أكثر ما تتعرض له الأقصر، للأسف، هو التعدي على المناطق الأثرية، ولم يكن تنفيذ القانون، وحده، كافياً للتغلب على هذه المشكلة. فأساس حل المشلكة هو إيجاد البديل للمواطن، ليبني عليه مسكنه، وبالتالي كان لزاماً توفير الأراضي اللازمة، ليبتعد بذلك عن المناطق الأثرية.

وهو ما تم مع الدكتور مصطفى مدبولي، وكان رئيساً لهيئة التخطيط العمراني، آنذاك، حيث اقتطعنا جزءاً من منطقة زراعية، وتم تقسيمها، ووضعنا لها فلسفة فكرية جديدة؛ فخصصنا ثلث المساحة لإقامة الطرق والمدارس بجميع مراحلها للبنين والبنات، والعيادات الصحية، والملاعب الرياضية، الخدمات الأخرى، وخصصنا باقي المساحة لتحويلها إلى منطقة سكنية جديدة. واليوم، وبعد توقف التعدي على المناطق الأثرية بالأقصر، نستطيع أن نجزم بأن هذا لم يتحقق بالقانون وحده، وإنما بفكر جديد، وفلسفة متطورة في التخطيط العمراني، قدمها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس هيئة التخطيط العمراني، آنذاك، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الحالي.

المهندس أبو نار والدكتورة جيهان

مجموعة من شباب مصر، قاموا بتطوير 54 وحدة صحية في مختلف قرى الأقصر Primary Health Care Units، ضمن مشروع المعونة الأمريكية. ويكفي أن السفيرة الأمريكية بالقاهرة، عندما تستقبل وفد الكونجرس الأمريكي، الذي يزور مصر سنوياً لمتابعة أوجه صرف المعونة في مصر، كانت تصر على أصطحابهم إلى الأقصر، لزيارة تلك الوحدات الصحية، وهم غير مصدقين لما تراه أعينهم، فهذه القرى بلا شوارع ممهدة، وبعضها لم تصلها الإضاءة، أوالصرف الصحي، ومع ذلك بها وحدات صحية تشمل عيادة أسنان متطورة، وعيادة أطفال، وعيادة أمراض نساء، وعيادة باطنة، إضافة إلى معمل تحاليل متطور. كل ذلك تم النتهاء منه في عامين. واليوم عندما أسمع شهادات عن جودة، وتميز الخدمات الصحية في الأقصر، فأنا أرجع الفضل لهؤلاء الشباب من أبناء مصر الأوفياء.

وأثناء إحدى زياراته إلى الأقصر، أشاد الدكتور حاتم الجبلي، وزير الصحة، آنذاك، بالأداء المتميز لتلك الوحدات الصحية، وعندما بادرته بالسؤال عن سبب اختلاف أداء وزارة الصحة، بالرغم من كون العاملين بها مصريين، كما هو حال هؤلاء الشباب، القائمين على تلك الوحدات، تبسم قائلاً أن هذا هو الفرق بين القطاع العام والقطاع الخاص … لك الله يا مصر!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى