المصري اليوم

هل ستدخل تركيا مرحلة جديدة من الصراع مع الاتحاد الأوروبي ؟

لواء دكتور سمير فرج يكتب: هل ستدخل تركيا مرحلة جديدة من الصراع مع الاتحاد الأوروبى؟

أعلنت تركيا سحب سفينة التنقيب عن الطاقة «أوروتش رئيس» من المناطق المتنازع عليها مع اليونان وقبرص فى منطقة شرق المتوسط، وأكدت تركيا عودة السفينة إلى ميناء أنطاليا جنوب تركيا. وجاء قرار تركيا لتجنب إصدار أى عقوبات فى قمة الاتحاد الأوروبى التى ستعقد بعد أسبوعين، وكانت تركيا قد سحبت هذه السفينة من المياه المتنازع عليها قبل القمة السابقة للاتحاد الأوروبى فى أكتوبر الماضى خوفًا من صدور أى عقوبات ضدها لكنها أعادت إرسال هذه السفينة مرة أخرى، بعد ما وصفت تركيا قرارات القمة الأوروبية السابقة بأنها غير مرضية، ولكن هذه المرة الأمر أصبح مختلفًا لأن البرلمان الأوروبى وافق فى قرار غير ملزم الشهر الماضى بناءً على طلب تقدمت به قبرص يطالب بفرض عقوبات على تركيا، ردًا على زيارة الرئيس التركى أردوغان إلى شمال قبرص التى تحتلها أنقرة بعد غزو عسكرى عام 1974 وأقامت عليه جمهورية من طرف واحد لم تعترف بها أى دولة أخرى فى العالم غير تركيا. وحث قرار البرلمان الأوروبى قادة الاتحاد الأوروبى على اتخاذ إجراءات وفرض عقوبات صارمة على تركيا، حيث وصف البرلمان الأوروبى قيام تركيا بهذه الأنشطة فى التنقيب فى مناطق مشروعة لليونان فى نطاق الجرف القارى بها بأنها غير قانونية، ومن المنتظر ألا تقتصر العقوبات على أشخاص بل ستمتد إلى الشركات المساهمة فى التنقيب عن الغاز، كذلك من المنتظر أن تشمل العقوبات إغلاق الموانئ الأوروبية فى وجه تركيا وحرمانها من قطع الغيار، كذلك فرض عقوبات من البنوك الأوروبية على الشركات القائمة بأعمال التنقيب وقد تتصاعد هذه العقوبات بعد ذلك- كما ألمح جوزيب بوريل- لتشمل قطاعات اقتصادية بأكملها فى تركيا

.. خاصة أن الاقتصاد التركى والأوروبى مرتبطان ببعضهما منذ زمن بعيد مما سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد التركى، حيث تشير التقارير إلى أن الاتحاد الأوروبى سبق أن أعلن عن حزمة عقوبات على تركيا فى عام 2019 حين قرر قطع المساعدات المالية التى يقدمها لتركيا وإعادة النظر فى دعم القروض المقدمة من بنك الاستثمار الأوروبى.

وعلى الجانب الآخر فإن تركيا تلوح دائمًا لدول الاتحاد الأوروبى بأنه فى حالة اتخاذ أى قرارات اقتصادية ضدها خصوصًا بعد الموقف الاقتصادى المتردى فى تركيا فإنها تلوح دائمًا بالرد الفورى وهو إطلاق الثلاثة ملايين من اللاجئين السوريين الموجودين فى معسكرات داخل تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبى الأمر الذى سيسبب انزعاجا شديدا لهذه الدول، رغم أن الاتحاد الأوروبى يدفع لتركيا كل عام 3 مليارات يورو لإيوائهم ومنعهم من الاندفاع داخل دول الاتحاد الأوروبى. وهناك مشكلة أخرى تنتظر تركيا من دول حلف الناتو وهى بدء تشغيل النظام S400 الروسى الذى اشترته تركيا ليكون ضمن منظومتها الدفاعية، الأمر الذى أقلق دول حلف الناتو الذى تعتبر تركيا أحد أعضائه، ورغم وصول هذه الصواريخ إلى تركيا إلا أن دول حلف الناتو قد أرسلت تهديدًا مباشرًا لتركيا لمنع تشغيل هذه المنظومة، وفى حالة ضرب تركيا عرض الحائط بتهديدات حلف الناتو وقيامها بتشغيل هذه المنظومة فإن الناتو سوف يتدخل بشدة ضد تركيا خاصة أن الكونجرس الأمريكى أصدر عقوبات ضد تركيا فور شرائها هذه المنظومة، لكن الرئيس ترامب قام بتأجيل تنفيذ هذه العقوبات على أمل عدم تشغيل تركيا هذه المنظومة، خاصة أن عدد القواعد الأمريكية داخل تركيا كبير ومنها قاعدة أنجرليك الجوية التى تقوم الولايات المتحدة بتخزين أكثر من خمسين رأسا نووية فيها للمناورة بها فور حدوث أى تهديدات مباشرة فى منطقة الشرق الأوسط أو فى اتجاه الاتحاد السوفيتى فى السابق وروسيا حاليًا.

كل هذه المشكلات التى تواجه تركيا الآن مع استمرار تواجدها العسكرى فى شمال سوريا وشمال العراق ومنطقة الصراع فى ناغورنو كاراباخ، وتأييدها لحكومة الوفاق فى طرابلس عسكريًا، ونقل المرتزقة من شمال سوريا إلى طرابلس مع العمل على إيقاف أى عمليات لحل المشكلة الليبية، وعلى المستوى الداخلى يواجه أردوغان صعوبات اقتصادية حيث بدأ تدهور الليرة التركية لأدنى مستوى الأمر الذى أدى إلى بيع 10% من أصول البورصة التركية الشهر الماضى إلى قطر، ثم بيع مصنع قطع غيار الدبابات إلى قطر الأمر الذى أثار المعارضة التركية، خاصة أن تركيا تتلقى دعمًا سنويًا 2 مليار دولار قيمة تواجد عناصر من المشاة والقوات الخاصة لتأمين أمراء قطر وقصر الرئاسة هناك والأهداف الحيوية داخل الدوحة، ومن هذا المنطلق بدأت عناصر المعارضة التركية فى مهاجمة أردوغان لكل هذه الجبهات التى يخوض حروبه فيها، كذلك اعتراضهم على العداء المباشر لمصر، وأخيرًا جاءت عملية الاعتقالات لعناصر المعارضة هذا الشهر الذين بلغ عددهم حوالى 60 ألف مواطن تركى، ومن هنا يرى المراقبون أن التحرك التركى ضد الاتحاد الأوروبى وخلافه مع حلف الناتو سوف يسبب لتركيا مزيدًا من التعقيدات خصوصًا فى الوضع الاقتصادى، ولا ننسى أنه بعد محاولة استغلال تركيا قضية خاشوقجى وقيام دول الخليج بإيقاف السياحة الخليجية إلى تركيا وإيقاف استيراد الخضروات والفواكه من تركيا، كل ذلك أحدث هزة فى الاقتصاد التركى فى الفترة السابقة، وأمام كل هذه المشاكل التى تواجه تركيا حاليًا قامت تركيا بسحب سفينة التنقيب عن الطاقة من أمام سواحل قبرص، فى محاولة لاحتواء أى مشاكل قادمة مع الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو الأمر الذى قد يعجل بنهاية حكم أردوغان بدلا من الانتظار للانتخابات القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى